القاهرة: الأمير كمال فرج.
اعتدنا على قصص الأقارب الذين ينشرون تفاصيل خاصة عن غير قصد على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن تخيل الآن سيناريو أكثر إثارة للقلق: أن تكون أنت من يشارك أعمق أسراره واستفساراته الخاصة، ليس مع الأصدقاء والعائلة، بل مع العالم بأسره، ودون علمك! هذا ما يحدث بالضبط مع مستخدمي تطبيق Meta للذكاء الاصطناعي.
ذكر تقرير نشره موقع Futurism أن "تطبيق "المساعد الذكي من Meta" صدر في أواخر أبريل، وسرعان ما أصبح هذا التطبيق مساعدًا افتراضيًا مفضلاً للكثيرين حول العالم، حيث تجاوز مليار مستخدم بعد شهر واحد فقط من إصداره. لكن المفاجأة الصادمة هي أن هذا التطبيق ليس فقط روبوت محادثة مصمم لجمع بياناتك، ولكن أيضًا نشرها على الملأ، حيث أن كل ما تسأله لذكاء Meta الاصطناعي يمكن أن يظهر في خلاصة عامة ليراه ويضحك عليه العالم بأسره".
فخ المشاركة الخفي
منذ لحظة تسجيل الدخول، يسعى التطبيق لتشجيعك على البدء، مقدمًا اقتراحات لأسئلة مثل "لنتعرف على بعضنا البعض". إذا بدأ مستخدم غير حذر، كجدّ غير ملم بالتكنولوجيا، من هنا، فقد يضغط عن طريق الخطأ على أيقونة "مشاركة" صغيرة في الزاوية العلوية، مما يؤدي إلى تحميل سؤاله إلى "خلاصة الاكتشاف" الخاصة بالتطبيق. وعلى الرغم من أن Meta تدعي أن "لا شيء يُشارك في خلاصتك ما لم تختر نشره"، فإن الواقع يكشف عكس ذلك تمامًا.
الخاص يصبح عامًا
مسح سريع لخلاصة اكتشاف التطبيق يكشف عن كم هائل من المحادثات التي من المؤكد أن أصحابها لم يقصدوا مشاركتها علنًا. فإلى جانب المحتوى العادي الذي يولده الذكاء الاصطناعي، تجد استفسارات تحتوي على معلومات شخصية مذهلة.
فمثلًا، سأل أحد المستخدمين عن كيفية تحسين حركة أمعائه، وتطور الأمر إلى تفاصيل حول نظامه الغذائي ومشاكله الصحية. والأدهى من ذلك، أن اسم المستخدم الحقيقي (المرتبط بحساب فيسبوك أو إنستغرام) يظهر أسفل هذه الاستفسارات العامة.
وجدنا أيضًا أسئلة عن النظافة الجنسية وتفاصيل طبية، وحتى طلب مساعدة في صياغة رسالة للقاضي قبل حكم جنائي!
تسجيلات صوتية
المثير للصدمة أن التطبيق يسجل ويحمل الاستفسارات الصوتية مهما كان طولها. وجدنا تسجيلًا استمر لأكثر من ساعة، حيث انحرفت المحادثة إلى مواضيع سياسية وشخصية للغاية، وحتى طلب توجيهات مفصلة بناءً على الموقع الحالي للمستخدم. كما شارك مستخدم آخر تفاصيل مشاكله الضريبية، متسائلًا عن كيفية التعامل مع نسيان تقديم الإقرارات.
ومن المثير للدهشة أن التطبيق يسجل ويرفع الاستفسارات الصوتية أيضًا، بغض النظر عن مدتها. وجدنا تسجيلًا استمر لأكثر من ساعة، حيث تحول الحديث من رأي كانديس أوينز في حركة "حياة السود مهمة" إلى سؤال عما إذا كان أحدهم "يحاول بنشاط قتل جورج سوروس"، ثم إلى طلب توجيهات مفصلة بناءً على موقع المستخدم الحالي. وقضى آخر عدة دقائق في شرح مشاكله الضريبية. سأل: "ماذا أفعل إذا ربحت حوالي 200,000 دولار العام الماضي ونسيت تقديم إقراراتي الضريبية؟". واقترح روبوت المحادثة: "إذا كنت مدينًا بالضرائب، فمن المحتمل أن ترسل لك مصلحة الضرائب إشعارًا بالمبلغ المستحق". "حسنًا، سأنتظر حتى يتصلوا بي، على ما أظن"، تنهد المستخدم. تحولت محادثات أخرى إلى مواضيع يُفضّل تركها في تبويب التصفح المتخفي.
ثقة عمياء
يكشف هذا الوضع عن الكم الهائل من الثقة التي يضعها الناس في هذه المنتجات الجديدة، وكيف أصبحت سريعًا عكازًا للكثيرين، فبعض المستخدمين يسألون التطبيق عن أمور بسيطة مثل "ماذا أقول لتهنئة ابنة أختي التي تخرجت"، والبعض الآخر يسأل التطبيق أسئلة خاصة جدا.
يؤكد هذا الوضع على المسؤولية الهائلة الملقاة على عاتق Meta كمزود لخدمة عامة بحكم الواقع، ويكشف عن النقص المروع في المساءلة، وهو أمر أظهرته الشركة باستمرار طوال تاريخها.