القاهرة: الأمير كمال فرج.

مع زيادة الاندماج مع التكنولوجيا يومًا بعد يوم، بدأ البعض في البحث عن حلول لمشاكلهم، حتى أكثرها خصوصية، في الفضاء الرقمي. ومع ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، التي تعد بتقديم إجابات فورية ومساعدة لا حدود لها، بدأ البعض يتجهون إليها لطلب المشورة في العلاقات العاطفية. لكن هل يمكن لآلة أن تفهم تعقيدات المشاعر البشرية، أو أن تقدم نصائح حقيقية في قضايا تتطلب أقصى درجات الحساسية والتعاطف؟.

ذكرت سامي كاراميلا، كاتبة عمود النصائح في مقال نشرته مجلة Vice، أنها لم تكن تدرك تمامًا ظاهرة استخدام ChatGPT كمعالج نفسي حتى راسلها شخص عبر بريدها الإلكتروني للعمل حول هذا الموضوع في وقت سابق من هذا العام.

في فبراير الماضي، أخبر رجل لم يذكر اسمه الكاتبة أن صديقته تستخدم روبوت الدردشة للحصول على نصائح حول المواعدة، وكانت تثير ما أخبرها به الروبوت في النقاشات. صدمت كاراميلا عندما علمت بذلك، لدرجة أنها "كادت أن تختنق" بقهوتها، ولكن طالب النصيحة لم يكن منزعجًا على الإطلاق، وادعى أنه وجد استخدام صديقته لـ ChatGPT أمرًا رائعًا.

كتبت الكاتبة في مقالها الأخير: "لقد صدمت نوعًا ما بهذا الاعتراف. لم يكن لدي أي فكرة أن الناس يتجهون بالفعل إلى الذكاء الاصطناعي للحصول على المشورة العاطفية، وعندما استكشفت الموضوع أكثر، أدركت مدى شيوع طلب المساعدة من الذكاء الاصطناعي، خاصة في عصر أصبح فيه العلاج التفسي رفاهية باهظة الثمن."

مخاطر نفسية

بعد ذلك، اكتشفت كاراميلا أن صديقة لها تستخدم روبوت الدردشة الخاص بـ OpenAI لأغراض مماثلة، حيث كانت تعرض عليه مشاكل العلاقة للحصول على آراء أو ردود فعل تبدو محايدة وموضوعية، أي خالية من التحيزات الشخصية أو العواطف التي قد تؤثر على نصيحة إنسان.

في النهاية، أدركت تلك الصديقة أن ChatGPT غير محايد على الإطلاق، بل "بدا وكأنه يؤكد تجربتها بشكل كبير، وربما بشكل خطير".

وأوضحت كاراميلا، أن "أسئلة مماثلة طُرحت على منتدى r/ChatGPT على Reddit ، فأجمعت الآراء على أن روبوت الدردشة ليس فقط أشبه بـ"الموافق الأعمى" (yes-man)، ولكن أيضًا يميل للموافقة على آراء المستخدمين، وأن ذلك يمكن أن يكون خطيرًا على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية.

الوسواس القهري

أوضحت الكاتبة، التي غالبًا ما تتحدث بصراحة عن معاناتها مع اضطراب الوسواس القهري (OCD)، أن الاعتماد على "شات جي بي تي" للحصول على نصائح في العلاقات قد يكون له عواقب وخيمة. فإذا لم تذكر بوضوح كيف يؤثر الوسواس القهري على علاقاتها، فإن النصائح التي ستحصل عليها من الذكاء الاصطناعي قد تكون غير مفيدة أو حتى ضارة بعلاقتها. هذا يسلط الضوء على خطورة الحصول على استشارات شخصية من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تفتقر إلى الفهم العميق للسياقات الفردية والاضطرابات النفسية المعقدة.

بالبحث أعمق، وجدت كاراميلا عدة نقاشات على منتديات فرعية متعلقة بالوسواس القهري حول روبوت الدردشة، وفي المنتدى المخصص لـ ROCD، أو الوسواس القهري المتعلق بالعلاقات، اعترف أحدهم أن روبوت الدردشة طلب منه الانفصال عن شريكه.

أكد مستخدم آخر في نقاشات r/ROCD حول "الوسواس القهري المتعلق بالعلاقات" أن برامج مثل ChatGPT يمكن أن تزيد من حدة دورة الوسواس القهري، وأوضح أن هذا يحدث لأنها تتيح للمستخدمين "طرح سؤال تلو الآخر لساعات في محاولة للحصول على بعض اليقين"، وهو ما يعمق المشكلة.

مثل العديد من المهنيين البشريين غير المؤهلين، تفتقر روبوتات الدردشة إلى الدقة والحساسية الضروريتين لأي سياق علاجي. لذا، وبغض النظر عن ادعاءات OpenAI التسويقية، فإن ChatGPT لا يمكنه أن يكون متعاطفًا حقًا. فإذا كان "معالجك" الافتراضي لا يستطيع أبدًا بناء اتصال بشري حقيقي، فكيف له أن ينجح في تقديم نصائح حول موضوع إنساني بحت مثل الحب؟