القاهرة: الأمير كمال فرج.
مع تطور روبوتات الدردشة، غزا المحتوى الرديء المولد بالذكاء الاصطناعي الإنترنت، وطال مساحات يبحث فيها الكثيرون عن السكينة والراحة: قوائم تشغيل الموسيقى الخلفية على يوتيوب.
ذكر تقرير نشره موقع Futurism أن "متابعون اشتكوا من سيطرة الذكاء الاصطناعي على قوائم تشغيل موسيقى lo-fi في موقع يوتيوب، والتي تتميز صورها المصغرة دائمًا بشخصية أنمي منحنية على مكتب مع سماعات رأس، وأشاروا إلى ان الأنواع الموسيقية الآلية الأخرى لم تسلم أيضًا من هذا الغزو".
ساء الوضع لدرجة أن منسقي قوائم التشغيل أصبحوا يضعون علامة "لا للذكاء الاصطناعي" على فيديوهاتهم، على الرغم من عدم وجود ما يمنعهم من الكذب بالطبع. مهما كان ذوقك، إذا كنت تبحث عن موسيقى هادئة، فإن احتمالات أن يوصي لك الخوارزمية بموسيقى مولدة بالذكاء الاصطناعي أصبحت مرتفعة بشكل مقلق.
الكشف عن المحتوى المصنوع
في أواخر العام الماضي، اكتشف المؤثر الموسيقي على TikTok، ديريك جي، أن الموسيقى المستخدمة في إحدى قنوات قوائم تشغيل lo-fi الشهيرة كانت على الأرجح مولدة بالكامل بالذكاء الاصطناعي. فبالإضافة إلى أن الأغاني بدت عامة بشكل لا يصدق — حتى بالنسبة للمواد المصممة للتشغيل في الخلفية — لم تتضمن قوائم الأغاني في الفيديوهات اسم أي فنان واحد.
علامة حمراء أخرى؟ قام كتب تعليقًا ذكر فيه أن الأغاني بدت وكأنها صُنعت باستخدام "Suno"، وهي إحدى أشهر أدوات الذكاء الاصطناعي لتوليد الموسيقى.
للأسف، هذه مجرد حالة واحدة من بين العديد من الحالات، وليست حتى الأسوأ. بعض هذه القنوات تنتج فيديو جديدًا يستمر لساعة أو عدة ساعات كل يومين، عادةً ما يكون مصحوبًا بعمل فني مولد بالذكاء الاصطناعي وبدون أي قوائم للأغاني على الإطلاق.
ربحية المحتوى الاصطناعي
من الواضح أن إنتاج قوائم تشغيل الموسيقى بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مشروعًا مربحًا للغاية، والدليل على ذلك أن القناة التي فحصها جي أُنشئت في سبتمبر 2024، وبحلول نوفمبر من نفس العام، ارتفع عدد مشتركيها إلى أكثر من 130 ألف مشترك، وفقًا لموقع التحليلات SocialBlade، مع بعض الفيديوهات التي حصدت ملايين المشاهدات.
يمكن تحقيق الدخل من هذه المشاهدات بالطبع. فالفيديوهات طويلة المدة تُعد مادة مثالية لتشغيل الإعلانات عليها، وباستخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد الموسيقى، فإنك لا تتجنب فقط عناء إنشاء أو تنسيق الأغاني، بل تتجنب أيضًا أي مشكلات تتعلق بحقوق الطبع والنشر التي قد تؤثر على إيراداتك من الإعلانات أو تُعد انتهاكات ضد قناتك.
وقد أدت هذه الممارسة إلى ظهور نوع كامل من الفيديوهات التي تشرح كيفية الانخراط في هذا الاحتيال، أحد الأمثة على ذلك ظهور مقدم مصنوع من الذكاء الاصطناعي (AI) يقدم محتوى يشرح أو يعلم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي نفسه.
تساءل جي في تحقيقه المصور: "هل تقع على YouTubeمسؤولية تقييد هذا النوع من القنوات، أم أن هذا هو الوضع الطبيعي الجديد؟"
موقف YouTube
لتوضيح الأمر، تُعد الموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي مشكلة رئيسية بالفعل على منصات مثل Spotify. لكن Google، المالكة لـ YouTube، لم تبذل سوى الحد الأدنى من الجهد لفرض الرقابة على الذكاء الاصطناعي على منصاتها.
أعلن يوتيوب لأول مرة أنه سيطالب المبدعين بالإفصاح عن المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي في نوفمبر 2023. لكن التنفيذ لا يزال متساهلاً، لأن طرق الكشف عن الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تكون غير موثوقة — على الرغم من أن YouTube يبدو أنه يبذل جهدًا أكبر من منصات مثل Facebook أو Pinterest. (كما أنه يطور أداة للكشف عما إذا كان شخص ما قد استخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد صورتك).
في الوقت نفسه، شجعت Google المبدعين على تجربة المحتوى الرديء المولد بالذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت ميزات مثل "Dream Screen" لتوليد فيديوهات بالذكاء الاصطناعي لمقاطع YouTube القصيرة، و"Dream Song" لتوليد موسيقى تصويرية آلية بالذكاء الاصطناعي لنفس الغرض.
إذا أرنا تحديد المؤشر على ذلك، فإن الفيضان الحالي للمحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي هو مجرد قطرة في محيط، وأن الأسوأ لم يأت بعد.