القاهرة: الأمير كمال فرج.

أصدر باحثون في شركة Apple مؤخرًا ورقة بحثية مثيرة للجدل تشكك في قدرات "الاستدلال" في أحدث وأقوى النماذج اللغوية الكبيرة.

ذكر تقرير نشرته مجلة Futurism إن "خبراء التعلم الآلي يقدمون في هذه الورقة دلائل على أن صناعة الذكاء الاصطناعي تبالغ بشكل كبير في تقدير قدرات نماذجها الرائدة، بما في ذلك O3 من OpenAI، وClaude 3.7 من Anthropic، وGemini من Google."

فند الباحثون مزاعم شركات مثل OpenAI بأن نماذجها الأكثر تقدمًا يمكنها الآن "الاستدلال" – وهي قدرة مفترضة اعتمدت عليها الشركة التي يقودها سام ألتمان بشكل متزايد لأغراض التسويق على مدار العام الماضي – والتي يصفها فريق أبل بأنها مجرد "وهم التفكير".

تُعد هذه النتيجة ذات أهمية خاصة، بالنظر إلى الاتهامات التي وُجهت لشركة أبل بالتخلف عن المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي. لقد اختارت الشركة مسارًا أكثر حذرًا لدمج هذه التقنية في منتجاتها الموجهة للمستهلكين – مع بعض النتائج المختلطة حتى الآن.

نظريًا، تقوم نماذج الاستدلال بتحليل أوامر المستخدم إلى أجزاء وتستخدم خطوات متسلسلة "لسلسلة الأفكار" للوصول إلى إجاباتها. لكن الآن، يشكك كبار الباحثين والخبراء داخل شركة أبل في القدرات الحقيقية لـ "التفكير" أو "الاستدلال" التي تُنسب إلى أحدث وأقوى نماذج الذكاء الاصطناعي (مثل GPT-4، Claude 3، Gemini).

كتب الفريق في ورقته: "بينما تُظهر هذه النماذج أداءً محسّنًا في معايير الاستدلال، فإن قدراتها الأساسية، وخصائص التوسع، والقيود لا تزال غير مفهومة بشكل كافٍ".

يزعم المؤلفون – ومن بينهم سامي بينجيو، مدير أبحاث الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في عملاق البرمجيات والأجهزة – أن النهج الحالي للقياسات المعيارية "غالبًا ما يعاني من تلوث البيانات ولا يقدم رؤى حول هيكل وجودة آثار الاستدلال".

باستخدام "بيئات ألغاز قابلة للتحكم"، قام الفريق بتقدير قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على "التفكير" – وتوصلوا إلى اكتشاف يبدو مدمرًا.

كتبوا: "من خلال التجارب المكثفة عبر ألغاز متنوعة، نُظهر أن [نماذج الاستدلال الكبيرة] الرائدة تواجه انهيارًا كاملاً في الدقة بما يتجاوز تعقيدات معينة".

بفضل "حد قياس غير بديهي"، فإن قدرات الاستدلال لدى الذكاء الاصطناعي "تتراجع على الرغم من وجود ميزانية رمزية كافية".

ببساطة، حتى مع التدريب الكافي، تكافح النماذج مع المشاكل التي تتجاوز عتبة معينة من التعقيد – وهي نتيجة لظاهرة "الإفراط في التفكير" كما ورد في الورقة البحثية.

تُذكر هذه النتيجة باتجاه أوسع. فقد أظهرت المعايير أن أحدث جيل من نماذج الاستدلال أكثر عرضة للهلوسة، وليس أقل، مما يشير إلى أن التقنية قد تتجه الآن في الاتجاه الخاطئ بطريقة رئيسية، فقد وجد باحثو Apple أن كيفية اختيار نماذج الاستدلال للمسار الذي يجب أن تسلكه تظل غامضة بشكل مدهش.

وخلص الفريق في ورقته: "وجدنا أن نماذج الاستدلال الكبيرة (LRMs) لديها قيود في الحساب الدقيق. إنها تفشل في استخدام خوارزميات صريحة وتستدل بشكل غير متناسق عبر الألغاز".

يزعم الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها تثير "تساؤلات حاسمة" حول "قدرات الاستدلال الحقيقية" للجيل الحالي من نماذج الذكاء الاصطناعي، مما يقوض مسارًا جديدًا كان يحظى بضجة كبيرة في الصناعة المزدهرة.

يأتي ذلك على الرغم من ضخ عشرات المليارات من الدولارات في تطوير هذه التقنية، حيث تقوم شركات مثل OpenAI وGoogle وMeta  ببناء مراكز بيانات ضخمة لتشغيل نماذج ذكاء اصطناعي تتطلب طاقة متزايدة.

فهل يمكن أن تكون نتائج باحثي أبل بمثابة "جرس إنذار" آخر، تشير إلى أن التقنية قد "وصلت إلى طريق مسدود"؟.

أم أن الشركة تحاول "تأمين رهاناتها"، وتنتقد منافسيها المتفوقين في الوقت الذي تتخلف فيه هي، كما اقترح البعض؟

إنها بلا شك نتيجة مفاجئة، بالنظر إلى وضع أبل الحرج في صناعة الذكاء الاصطناعي: ففي الوقت الذي يدمر فيه باحثوها المسار الحالي للتقنية، وعدت الشركة بمجموعة من أدوات "Apple Intelligence" لأجهزتها مثل iPhone وMacBook.

تنص الورقة البحثية: "تتحدى هذه الأفكار الافتراضات السائدة حول قدرات نماذج الاستدلال الكبيرة وتشير إلى أن الأساليب الحالية قد تواجه حواجز أساسية أمام الاستدلال القابل للتعميم".