القاهرة: الأمير كمال فرج.

كشفت دراسة حديثة النقاب عن تأثيرات مقلقة للوجبات السريعة على القدرات الإدراكية لدى الإنسان، محذرة من أن الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات قد يعيق التفكير السليم.

ففي ورقة بحثية نشرت في "المجلة الدولية للسمنة"، أوضح باحثون في علم النفس بجامعة سيدني في أستراليا أن نتائج سلسلة من اختبارات الواقع الافتراضي (VR) تشير إلى أن الشباب الذين يتبعون نظامًا غذائيًا غنيًا بالوجبات السريعة يظهرون مهارات أضعف في التوجيه المكاني والذاكرة مقارنة بأقرانهم الذين يتناولون طعامًا صحيًا.

قاد فريق البحث، بقيادة باحث علم النفس دومينيك تران، باستطلاع 55 طالبًا جامعيًا تتراوح أعمارهم بين 18 و 38 عامًا، وطرح عليهم أسئلة حول مدى استهلاكهم للأطعمة السكرية أو الدهنية خلال العام السابق. خضع المشاركون بعد ذلك لاختبارات الذاكرة وقياس مؤشر كتلة الجسم (BMI) قبل الانتقال إلى الجزء المتعلق بالواقع الافتراضي من الدراسة.

باستخدام سماعات رأس Oculus Rift (نسخة قديمة سبقت استحواذ شركة Meta على الشركة في عام 2014)، دخل الطلاب المشاركون متاهة افتراضية وطُلب منهم العثور على صندوق كنز. تمكن أولئك الذين وصلوا إلى الصندوق في غضون أربع دقائق من التقدم إلى المستوى التالي، بينما تم نقل أولئك الذين فشلوا إلى الصندوق ومُنحوا 10 ثوانٍ لحفظ المعالم المحيطة به.

اجتاز المشاركون نفس المتاهة المليئة بالمعالم ست مرات، وكُلّفوا في كل مرة بالعثور على صندوق الكنز، الذي لم يتغير موقعه. وفي المحاولة السابعة والأخيرة، طُلب من المشاركين التنقل عائدين إلى المكان الذي يتذكرون وجود الصندوق فيه بناءً على المعالم التي شاهدوها في الجولات السابقة - ولكن الصندوق نفسه كان قد أُزيل، مما تطلب استدعاءً قويًا للذاكرة.

وكما وجد الباحثون، فإن المجموعة التي تناولت كميات أقل من الدهون والسكر كانت أكثر دقة في تذكر موقع الصندوق مقارنة بالآخرين الذين تناولوا المزيد من الوجبات السريعة.

وعلى الرغم من أن هذا الاكتشاف لم يفاجئ تران وفريقه، إلا أنه أشار إلى أن طلاب علم النفس الذين تمت الاستعانة بهم الدراسة قد يكونون يتمتعون بصحة أفضل إلى حد ما من متوسط ​​الأشخاص، وبالتالي قد يكون التأثير أكبر بين الفئات غير الجامعية.

وتعزز هذه النتائج دراسات مماثلة أجراها تران وزملاؤه على الفئران، حيث تبين أن القوارض تعاني من مشاكل في استدعاء الذاكرة والوعي المكاني بعد تغذيتها على أنظمة غذائية غنية بالسكر والدهون.

إن الكشف عن نتائج مماثلة لدى البشر يوضح بشكل أكبر أن الوجبات السريعة لا تزيد فقط من "خطر السمنة والأمراض الأيضية والقلبية الوعائية وأنواع معينة من السرطان" و "تعجل بظهور التدهور المعرفي المرتبط بالعمر لدى البالغين في منتصف العمر وكبار السن"، كما قال الباحث الرئيسي، بل إنها تؤثر أيضًا على أدمغتنا.

وأكد تران على أهمية هذه النتائج قائلًا: "يقدم لنا هذا البحث دليلًا على أن النظام الغذائي مهم لصحة الدماغ في مرحلة البلوغ المبكر، وهي فترة تكون فيها الوظيفة الإدراكية سليمة عادةً."

تضيف هذه الدراسة بُعدًا جديدًا للمخاطر الصحية المرتبطة بالوجبات السريعة، والتي لطالما ارتبطت بتأثيراتها السلبية على الوزن والصحة البدنية. ويثير الربط بين الاستهلاك المفرط لهذه الأطعمة وتراجع القدرات المعرفية لدى الشباب مخاوف بشأن الآثار طويلة المدى على التطور العقلي والإنتاجي لهذه الفئة العمرية الحيوية.

وتدعو نتائج الدراسة إلى ضرورة زيادة الوعي بأهمية التغذية الصحية في الحفاظ على صحة الدماغ ووظائفه الإدراكية، خاصة في مراحل النمو والتطور المبكرة. كما تشدد على أهمية إجراء المزيد من الأبحاث لفهم الآليات الدقيقة التي تربط النظام الغذائي الغني بالدهون والسكريات بالتدهور المعرفي، واستكشاف التدخلات الغذائية والسلوكية التي يمكن أن تخفف من هذه الآثار السلبية.

الرسالة التي تحملها هذه الدراسة واضحة: يجب التفكير مليًا قبل طلب وجبة سريعة، فالحفاظ على القدرة على التفكير بوضوح يبدأ بخياراتنا الغذائية اليومية.