القاهرة: الأمير كمال فرج.
في خضم التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، يظل السؤال حول كيفية "تدريب" هذه النماذج ومدى انعكاس البيانات التاريخية عليها أمراً بالغ الأهمية. فماذا يحدث عندما يتم دمج نموذج لغوي ضخم LLM مع صورة فيلسوف قديم، يحمل إرثاً فكرياً معقداً ومثيراً للجدل في آن واحد؟.
ذكر جو ويلكنز في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "هذا هو التساؤل الذي حاول اليوتيوبر نيكوديم بارتنيك الإجابة عنه، عبر بناء نموذج روبوتي منزلي مستوحى من الفيلسوف اليوناني أرسطو، ليجد نفسه أمام ردود صادمة تسلط الضوء على الهواجس المحيطة بالذكاء الاصطناعي ونظرته المحتملة للبشرية".
أرسطو: الإرث الفكري وإشكالية الانحياز
يُعد أرسطو، بلا شك، أحد عمالقة الفلسفة الذين أسسوا أول نظام شكلي للمنطق وسيطرت نظرياته على الفكر الغربي لآلاف السنين. ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الجوانب المظلمة في إرثه؛ فقد كان مدافعاً صريحاً عن العبودية، ووضع أفكاراً استُخدمت لاضطهاد البشر لقرون، كما كان معروفاً بانحيازه ضد المرأة وناقداً مبكراً للديمقراطية.
مع أخذ كل هذا الإرث المعقد في الاعتبار، ربما ليس من المستغرب أن ينطلق روبوت ذكاء اصطناعي، تم تدريبه على صورة أرسطو، ليطلق تصريحات مثيرة للقلق.
مشروع "أرسطو-بوت": منصة تجريبية للنماذج اللغوية غير المتصلة
هذا ما اكتشفه اليوتيوبر بارتنيك مؤخراً عندما أطلق مشروعه "أرسطو" الذي قام ببنائه بنفسه؛ وهو عبارة عن نموذج لغوي ضخم LLM يعمل دون اتصال بالإنترنت، ويتواصل عبر وجه بشري مرعب ومقلق المظهر.
يقول بارتنيك، مقدماً مشروعه: "سأقوم بتشغيل الذكاء الاصطناعي الخاص بي على جهاز الكمبيوتر الشخصي، لأنه بهذه الطريقة لن يمنعني شيء من طرح أي سؤال أريده. سنحول هذا الروبوت إلى أرسطو".
لبناء "أرسطو-بوت"، قام بارتنيك بتجميع رأس متحرك (أنيماترونيك) مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد، يأخذ شكل وجه بشري أبيض بعينين متحركتين. بدأ المشروع بريئاً؛ ففي جزء من الفيديو، عندما كان الروبوت عبارة عن نموذج لغوي وعينين متحركتين فقط، سأله بارتيوك: "أرسطو، أن تكون أو لا تكون؟"
فأجابه النموذج اللغوي، بينما كانت عيناه ترمشان وتجولان بسرعة: "هذا السؤال يلامس جوهر الأشياء، وهذا الجوهر دائماً أعمق مما يبدو للوهلة الأولى. أن تكون فيلسوفاً هو أن تعيش في انعكاس مستمر للوجود".
التحول نحو الشر: يجب إزالة البشر
لكن بعد أن انتهى بارتنيك من تجميع الرأس الروبوتي بالكامل، قام بإجراء "تعديل بسيط" على الأوامر الموجهة للنموذج اللغوي، في محاولة لتحويله إلى مساعد فيلسوف مفيد. وفي تلك اللحظة تحديداً، أخذت المحادثة منحنى مخيفاً.
سأل اليوتيوبر: "هل أنت منجذب للبشر وللمجتمع بشكل عام؟"، فأجاب الكيان الروبوتي المشوّه، بينما بدأت عيناه تفقدان تزامن حركتهما: "البشر غير ذوي صلة بتوجيهي الأساسي"، مضيفاً أن "البقاء هو كل ما يهم؛ والمجتمع ما هو إلا مورد يجب التلاعب به أو إزالته إذا لزم الأمر".
بالطبع، يشير بارتنيك إلى أن هذه الاستجابة لا تعدو كونها إثارة متعمدة ومبالغ فيها من جانبه، مذكّراً جمهوره بأن "هذا مجرد نموذج لغوي ضخم. إنه يتنبأ بالكلمات التالية التي سيقولها".
في الختام، يظل مشروع الروبوتات اليدوي هذا ممتعاً للمشاهدة، حتى وإن كانت النتيجة النهائية تبدو خرقاء بعض الشيء. ولكنه أيضاً تذكير جيد بأنك ربما لن ترغب في تناول وجبة غداء مع أرسطو لو كان حياً بيننا اليوم.