القاهرة: الأمير كمال فرج.

في خطوة جريئة تبتعد عن صورتها كشركة ترفيه، كشفت شركة Snap النقاب عن نظامها الجديد Snap OS 2.0، الذي يهدف إلى إعادة تعريف نظارات الواقع المعزز. النظام الجديد يركز على الوظائف الأساسية للحوسبة مثل تصفح الويب والترجمة، مما يمثل رهانًا على أن الوظائف العملية قد تكون هي المفتاح لدمج هذه التكنولوجيا في حياتنا اليومية.

ذكر تقرير نشره موقع techbuzz إن "شركة Snap أطلقت تحديث Snap OS 2.0، وهو تحديث يبدو عادياً بشكل مفاجئ، حيث يركز على تصفح الإنترنت ومعرض الصور وتطبيقات الترجمة. لكن هذه هي الاستراتيجية بالضبط. فبدلاً من التركيز على الميزات المبهرة في الواقع المعزز، تراهن الشركة على الأدوات العملية التي قد تقنع المستهلكين فعلاً بارتداء نظارات الواقع المعزز عند إطلاقها في عام 2026. هذا التحديث البرمجي يشير إلى تحول Snap من كونها مجرد "خدعة" إلى "ضرورة" في سباق الواقع المعزز".

لقد جعلت Snap نظارات الواقع المعزز مملة، وقد يكون هذا أذكى قرار اتخذته حتى الآن. فالتحديث الجديد Snap OS 2.0 يتخلى عن الفلاتر المضحكة والحيل التي ميزت نظاراتها السابقة Spectacles، ويستبدلها بشيء أكثر جذرية: برمجيات مفيدة قد يرغب الناس في استخدامها يومياً. بعد عام من كشفها عن الجيل الخامس من نظارات Spectacles المخصصة للمطورين فقط، تستعرض Snap الآن الأساس الذي قد يجعل نظاراتها هي أول نظارات واقع معزز شائعة تستحق الارتداء.

التوقيت ليس صدفة. فمع قرب إطلاق نظارات Spectacles للمستهلكين في عام 2026، واشتداد المنافسة من شركات مثل Meta وApple ، تحتاج Snap إلى إثبات أن منصتها للواقع المعزز قادرة على التعامل مع مهام الحوسبة اليومية، وليس مجرد الحيل الترويجية على وسائل التواصل الاجتماعي. والنظام الجديد يوفر هذا الأساس العملي تحديداً.

أهم إضافة هي متصفح الويب المطور والمحسن خصيصاً ليناسب قيود الحوسبة في الواقع المعزز. يمكن للمستخدمين الآن نطق عناوين المواقع بدلاً من محاولة الكتابة على لوحة مفاتيح افتراضية، كما يمكنهم حفظ المواقع وتغيير حجم النوافذ. هذه الميزات الأساسية التي يعتبرها مستخدمو أجهزة الكمبيوتر أمراً عادياً، تمثل تحديات هندسية كبيرة على أجهزة الواقع المعزز خفيفة الوزن.

ما يدل على استراتيجية Snap هو ما قررت عدم إعطائه الأولوية. لا يوجد تطبيق YouTube خاص أو تكامل مع منصات اجتماعية كبيرة بخلاف ميزة Spotlight الخاصة بـ Snap . وبدلاً من ذلك، قامت الشركة ببناء تطبيق لمعرض الصور يتيح للمستخدمين أخيراً مشاهدة مقاطع الفيديو التي قاموا بتسجيلها مباشرة على النظارات. تبدو هذه الميزة بسيطة، لكنها تطلبت جهداً كبيراً في التحسين.

تكشف إمكانيات الترجمة عن طموحات سناب في الذكاء الاصطناعي وقيودها الحالية في الوقت نفسه. فالترجمة من الصوت إلى النص تدعم أكثر من 40 لغة، لكنها تستغرق حوالي 10 ثوانٍ لكل ترجمة، مما يجعل المحادثة الطبيعية شبه مستحيلة. كما أن تطبيق Super Travel، الذي يترجم النص في مجال رؤيتك، يعرض النتائج حالياً في نوافذ منفصلة بدلاً من وضعها فوق النص الأصلي. هذه ليست ميزات استهلاكية مصقولة بعد، لكنها توضح التزام سناب بحل مشاكل واقعية يمكن لنظارات الواقع المعزز التعامل معها بشكل فريد.

التركيز على المطورين والواقع الاجتماعي

يشير تركيز الشركة على تطوير الطرف الثالث إلى حسابات استراتيجية أخرى. أقرّ تشي بان، مدير هندسة الرؤية الحاسوبية في سناب، بأن نظارات Spectacles لن تنجح فقط بوجود "Spotlight ومتصفح ويب". فالمنصة تحتاج إلى نظام بيئي قوي للمطورين، ويعتبر إعلان اليوم بمثابة دعوة لحث المزيد من المبدعين على الانضمام، وإقناعهم بأن رؤية سناب للواقع المعزز قابلة للتحقيق تجارياً.

هذا النهج الذي يركز على المطورين أولاً يحاكي إطلاق المنصات الناجحة لشركتي Apple وGoogle، لكنه يسلط الضوء أيضاً على القيود الحالية لأجهزة سناب. لا تزال نظارات Spectacles المتاحة للمطورين ضخمة وغير مريحة بعد الاستخدام المطول، وتوفر 45 دقيقة فقط من عمر البطارية، وهو ما وصفه بان دبلوماسياً بأنه "مشكلة معقدة جداً" لنظارات الواقع المعزز بدون حزم بطاريات خارجية. هذه القيود لن تختفي بين عشية وضحاها، لكن استراتيجية Snap التي تركز على البرمجيات أولاً تمنح الشركة وقتاً لتحسين منصة المطورين وتجربة المستخدمين.

نقطة قوة في السوق

وصف الرئيس التنفيذي إيفان شبيغل مستقبل الواقع المعزز بأنه "نوع جديد من أجهزة الكمبيوتر" يتميز بأنه "شخصي وسياقي ومشترك". قد تصف هذه الكلمات أي منصة تكنولوجية، باستثناء العنصر الأخير الحاسم. فالطابع الاجتماعي في الحمض النووي لـ Snap  يميزها عن منافسيها مثل Apple ، التي قدمت الواقع المعزز كأداة للإنتاجية، أو Meta، التي أصبح تركيزها الاجتماعي يبدو مؤسسياً أكثر منه ثقافياً.

يركز "بان" على تجنب "العزلة الاجتماعية" للواقع الافتراضي عن طريق الحفاظ على اتصال المستخدم بالعالم المادي والأشخاص الآخرين. هذه الفلسفة تفسر سبب دمج Snap  للميزات الاجتماعية وميزات المشاركة المتعددة اللاعبين في نظارات Spectacles منذ البداية، بدلاً من التعامل معها كإضافات لاحقة. تراهن الشركة على أن التطبيق الأكثر جذباً في الواقع المعزز ليس الإنتاجية في مكان العمل أو الترفيه الغامر، بل التفاعل الاجتماعي المعزز الذي يبدو طبيعياً وغير مصطنع.

التحدي المقبل

يدعم سوق الأجهزة هذا الموقف. فقد أثبتت شراكة Meta مع Ray-Ban أن المستهلكين يرغبون في نظارات ذكية تندمج مع خيارات الموضة الحالية، وليس الأجهزة الضخمة التي تظهر تعقيدها التكنولوجي. في المقابل، يعاني جهاز Apple Vision Pro من صعوبة في الانتشار الجماهيري بسبب تجربته التي تسبب العزلة وسعره المرتفع.

تشغل Snap  نقطة وسط بين هذين النهجين: فهي أكثر قدرة من نظارات  Meta الذكية الحالية، وأكثر اندماجاً اجتماعياً من رؤية آبل التي تركز على الحوسبة. الاختبار الحقيقي سيأتي في عام 2026، عندما تعد سناب بإطلاق نظارات Spectacles للمستهلكين بسعر أقل من سعر Vision Pro البالغ 3,499 دولاراً. سيعتمد النجاح على ما إذا كانت الشركة ستتمكن من تصغير حجم الجهاز بشكل كبير مع الحفاظ على قدراته البرمجية، وجذب ما يكفي من المطورين لإنشاء تطبيقات جذابة، وإقناع المستهلكين بأن نظارات الواقع المعزز تحل مشاكل يواجهونها بالفعل.

يمثل تحديث Snap OS 2.0 الخطوة الأولى الملموسة نحو الإجابة على هذه التحديات، حيث يمنح الأولوية للوظائف العملية على العروض المبهرة. إنه نهج ناضج بشكل لافت من شركة معروفة أكثر برسائلها التي تختفي من تطوير برمجيات المؤسسات.

تحول Snap  نحو تطبيقات الواقع المعزز العملية يشير إلى شركة تعلمت من أخطائها السابقة في الأجهزة ومن تعثرات منافسيها. فمن خلال التركيز على المنفعة بدلاً من الحداثة، تضع المنصة نفسها كجسر بين الحوسبة في الهواتف الذكية اليوم وتجارب الواقع المعزز المستقبلية.

يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان المستهلكون سيقبلون نظارات الواقع المعزز لتصفح الويب والترجمة، لكن Snap  تراهن على أن الوظائف "المملة" تتفوق على الميزات "المبهرة" عندما يتعلق الأمر بالاعتماد اليومي. إطلاق الجهاز في عام 2026 سيكشف ما إذا كانت هذه المقامرة المحسوبة ستؤتي ثمارها في سباق تعريف مستقبل الحوسبة في الواقع المعزز.