القاهرة: الأمير كمال فرج.
اكتشف باحثون أن الثقة في الذكاء الاصطناعي تنخفض بين الأفراد كلما ازداد فهمهم له، وهي حقيقة صادمة تُسلط الضوء على استمرار الشكوك في هذه التكنولوجيا.
تواصل شركات الذكاء الاصطناعي تصوير هذه التقنية على أنها نقطة تحول ثورية ومذهلة للبشرية، تبرر الإنفاق الرأسمالي الهائل لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التي تستهلك موارد مكثفة بشكل جنوني.
ولكن عندما يصبح المستخدمون العاديون أكثر دراية بهذه التقنية، ويدركون أن منتجات مثل ChatGPT هي في جوهرها خوارزميات لتوقع الكلمات وليست كيانات واعية تشبه البشر، فإن هذا قد يكون سبباً رئيسياً للعزوف عنها، كما ذكرت صحيفة Wall Street Journal.
الجهل يولد الانبهار
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Journal of Marketing في وقت سابق من هذا العام، وجد فريق دولي من الباحثين أن أكبر المعجبين بالذكاء الاصطناعي هم في الغالب الأشخاص الذين لديهم معرفة سطحية به.
كتب الباحثون: "خلافًا للتوقعات التي كشفت عنها أربعة استطلاعات، وجدت البيانات الدولية وست دراسات إضافية أن الأشخاص ذوي المعرفة الأقل بالذكاء الاصطناعي هم الأكثر تقبلاً له". وأضافوا أن "الأشخاص ذوي المعرفة الأقل بالذكاء الاصطناعي هم أكثر عرضة لإدراكه على أنه سحر، ويشعرون بالرهبة أمام قدرة الذكاء الاصطناعي على أداء مهام تبدو وكأنها تتطلب قدرات بشرية فريدة".
يُعد هذا الموضوع ذا أهمية خاصة بسبب الاستخدام الواسع لهذه التقنية بين الطلاب، الذين قد يفتقرون إلى المعرفة اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة حول متى وكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، مما يجعلهم يستخدمونه كعكاز لتجنب تطوير مهارات التفكير والكتابة والبحث العميقة لديهم. وبطبيعة الحال، من المرجح أن يصبح هؤلاء الطلاب أكثر اعتمادًا على شركات مثل OpenAI مع تقدمهم في العمر ودخولهم سوق العمل.
قالت ستيفاني تولي، الأستاذة المساعدة في التسويق بجامعة جنوب كاليفورنيا، لصحيفة Wall Street Journal: "عندما لا تفهم حقًا ما يجري في الكواليس، فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على ابتكار هذه الأشياء تبدو مدهشة، وهنا يمكن أن تشعر بسحره". وأضافت: "هذا الشعور يمكن أن يزيد في الواقع من استعداد الناس لاستخدامه".
تناقض صارخ
يجب أن تكون هذه النتائج بمثابة جرس إنذار للصناعة. فبدلاً من أن يؤدي فهم التقنية إلى انتشار أوسع، فإن الأشخاص الأكثر إدراكًا لكيفية عملها هم الأقل احتمالًا لاستخدامها، وهو ما يتناقض مع الافتراض بأن المعرفة التقنية الأكبر ستؤدي إلى تبني أوسع.
قالت تولي للصحيفة: "في مجالات أخرى، مثل صناعة النبيذ، يكون الأشخاص الأكثر معرفة به هم عشاقه. أما في حالة الذكاء الاصطناعي، فالأمر عكس ذلك تمامًا".
وفي إحدى التجارب، أعطى الباحثون 234 طالبًا جامعيًا استبيانًا، يسألونهم فيه عما إذا كانوا سيستخدمون الذكاء الاصطناعي للمساعدة في كتابة أربعة أوراق بحثية مختلفة.
أظهرت النتائج أن أولئك الذين حصلوا على درجات أقل في اختبار المعرفة بالذكاء الاصطناعي كانوا أكثر استعدادًا لاستخدام التقنية لإنجاز المهام، على الرغم من أنهم كانوا أكثر قلقًا بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتأثيره السلبي المحتمل على البشرية.
قال جيل آبل، المؤلف المشارك للدراسة والأستاذ المساعد في التسويق بجامعة جورج واشنطن، للصحيفة: "إن فهم أن الذكاء الاصطناعي مجرد مطابقة للأنماط يمكن أن يجرد التجربة من جانبها العاطفي".
تعزيز المعرفة
دعم الفريق نتائجه بالإشارة إلى العديد من الدراسات الأخرى التي أظهرت أيضًا أن المعرفة الأقل بالذكاء الاصطناعي ترتبط بزيادة الرغبة في استخدامه.
ونتيجة لذلك، يجادل الباحثون بضرورة تثقيف المستخدمين حول كيفية عمل الذكاء الاصطناعي حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات أكثر وعيًا.
قالت تولي للصحيفة: "مع ازدياد انتشار الذكاء الاصطناعي حولنا، يجب أن يمتلك المستهلكون مستوى أساسيًا من المعرفة ليكونوا قادرين على فهم متى قد تكون للذكاء الاصطناعي قيود مهمة".